الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

موقع العراق من استراتيجيات الصراع الدولي 15
أضيف بواسـطة
النـص : 1. المقدمة يعتبـر المفكر الهندي كوتيليـا 296312 قبل الميلاد وزير الملك شاندرا غوبتا ، أول من وضع اساسيات الواقعية السياسية في العلاقات الدولية . وقد وضع كتاب ” أرتاشاسترا ” ـ علم السياسة علم الحُكم وطرح في الكتاب مفهوم الماندالا، حيث ترى المملكة مصالحها الدبلوماسية عبر دوائر تتسع باستمرار، فتتحالف مع الدائرة الثانية بالترتيب، لتتوحدا ضد الدائرة الوسطى بينهما، وهو ما يشير إلى مبدأ عدو العدو صديق ، ومن أقواله المشهورة أن فلول عدو ما قد يُصبح أثرُه كبقايا وباء أو حريق، ومن هنا ينبغي إبادة تلك الفلول تماماً، وعلى المرء ألاّ يتجاهل عدواً حتى ولو كان يعرف أن ذلك العدو ضعيف؛ إذ إنه قد يُصبح خطِراً بمرور الزمن كالشرارةِ في كومٍ من الهشيم. وهو اول من كتـب حول الحرب والتحـالف و دور العوامل الجغرافيـة و مفهـوم القـوة، التي تقـوم بهـا الدولة و مفهوم القوة و نظام توازن القوى . انطلاقا من هذه الأفكار برزت فكرة التنافس الدولي الذي هو يعرف بانه ذلك الإختلال الذي يحصل فـي المجتمـع الـدولي قد تتضخم و تأخـذ صـورة الصـراع إذ لـم تـتم معالجتها ، فالـدول تسـعى إلـى تعظـيم مكاسـبها وفقـا لمفهـوم المصـلحة الوطنيـة بشـكل قـد يتنـاقض مـع مصـالح دول أخـرى ممـا قـد يولـد حالـة مـن التنـافس و قـد يشـمل التنـافس مجـالا محـددا و قـد يتسـع ليشمل مجالات عديدة كالتنافس الإقتصادي و السياسي و الحضاري ،خاصة إذا كانت الدول التي يطبع علاقاتهـا التنافس متباينة إيديولوجيا أو متباينة في المنهجين الإقتصادي و السياسي لكل منهما . يقول الدكتور أناتولي إيفانوفيتش أوتكين ، العالم الروسي البارز في مجال الدراسات الأمريكية “إن معنى التاريخ العالمي هو تجديد الميزان العالمي بعد اختلاله، أي إن المنبوذين، والذين ضعفوا سيتوحدون بصورة حتمية ضد القوي . مع نهاية الحرب الباردة وانهيار نظام الثنائية القطبية نتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي ، ظهر نظام دولي جديد من ابرز ملامحه ظهور الولايات المتحدة كقوة وحيدة ومهيمنة ، تسعى الى تعزيز تواجدها في العديد من مناطق العالم خاصة منطقـــة الشـــرق الاوســـط من اجل السيطرة والتفوق وتكريس الاحادية القطبية ، وقد جسدت ذلك في الواقع بتدخلاتها العسكرية في العديد من الدول كالعراق وأفغانستان . هذا الوضع بدأ يتغير ويتجه نحو التنافس بسبب التحول الكبير في موازين القوى الاقتصادرية وبروز التنين الصيني بقوة على الصعيد الدولي . فقد اخذت الصين تعمل على تعزيز قوتها الشاملة وتسعى لاحتلال مكانة متقدمة وحماية مصالحها الاستراتيجية في العديد من المناطق خاصة منطقة الشرق الأوسط . هذا التوجه الصيني يقابله تحرك امريكي حثيـث في محاولة لمنع اي تغلغـل لاي منافس جديد . بالإضافة الى الجهود الروسية لاستعادة امجاد الإمبراطورية السوفيتية . من هذا الصراع نجد ان في عالم اليوم هناك تنافس بين ثلاث دول كبرى، دولة بحرية الولايات المتحدة ودولة برية روسيا، وبينهم دولة مزدوجة الصين على النفوذ والسيطرة، ليس فقط في منطقة الحافة، بل أيضاً في القلب العالمي، وأخيراً أفريقيا. في خضم هذا الصراع القديم – الجديد بدات تبرز أهمية عوامل جديدة تؤثر وبقوة على رسم الاستراتيجات التي تدير دفة ذلك الصراع ومن أهمها عامل الموقع الجغرافي الذي اصبح عاملا أساسيا في إنجاح او افشال الاستراتيجيات الدولية والتي وصفها روبرت كابلان بقوله الجغرافيا هي العامل الاكثر أهمية في السياسة الخارجية للدول، لانّها أكثر العوامل ديمومة، يأتي الوزراء ويذهبون، وحتّى الطغاة يموتون، لكن السلاسل الجبلية تظّل راسخة في مكانها . وقد سعت كل دولة من الدول الكبرى الى وضع استراتيجية خاصة بها اعتمادا على موقعها الجغرافي وقدراتها والاهداف التي تسعى لتحقيقها . . من هنا تبرز أهمية الموقع الاستراتيجي للعراق باعتباره عقدة المواصلات البرية والبحرية للبر الرئيسي المسمى اوراسيا . فالعراق هو الجسرالذي يربط بين القلب الشمالي الرقعة الجغرافية الممتدة بين الفولغا حتى شرق سيبيريا والقلب الجنوبي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كما وانه يدخل ضمن الهلال الداخلي الذي يشمل سواحل أوربا وشبه الجزيرة العربية وسواحل جنوب شرقي أسيا والهند وقسماً كبيراً من البر الصيني المحيط بمنطقة الارتكاز التي تشمل نطاق الاستبس من التركستان الروسية حتى جنوب شرقي أوربا, وبما ان العراق يقع في نهاية الهلال الداخلي من جهة الشرق في قلب جزيرة العالم بين القارات الثلاثة القديمة لذا فأن موقعه الجغرافي ذو أهمية استراتيجية عالية وكبيرة بسبب تحكمه بالطريق الذي يربط بين تلك القارات . وهذا مايفسر الصراع الدولي والإقليمي على جذب العراق في هذا الاتجاه او ذاك . سنقوم في هذا البحث بدراسة التوجهات الاستراتيجية للقوى المتصارعة الثلاث ومدى تاثيرها على الواقع السياسي والاقتصادي في العراق ومستقبله في ظل عالم متغير ومتصارع . 2. تحديد الأهداف اسمحوا لي فقط أن أقول إنني أعتقد أيضا أن الرئيس ترامب كان على حق في اتخاذ موقف حازم تجاه الصين. بهذه الكلمات حدد وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن ، خلال جلسة تثبيته في مجلس الشيوخ، التحدي الأكبر للولايات المتحدة، وتعهد باتخاذ نهج أكثر صرامة تجاه الصين. كما قال وزير الدفاع الجديد الجنرال لويد أوستن ، خلال جلسة تثبيته في مجلس الشيوخ، بأن الصين تمثل خطرا متزايدا، وأن التصدي لها سيكون من أبرز اتجاهات أنشطة البنتاغون في عهد بايدن. أما مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، فقد أشارفي حديث له أمام معهد السلام بواشنطن إلى أن الصينيين يعتقدون أن نموذجهم أنجح من النموذج الأميركي، وهذا ما يروجون له حول العالم. في اول أيام جو بايدن في البيت الأبيض تم نشر تقرير مكون من 23 صفحة بعنوان الدليل الاستراتيجي للأمن القومي المؤقت Interim National Security Strategic Guidance حدد فيه أولويات الإدارة الجديدة وقد جاء فيه : “The most effective way f America to outcompete a me assertive and authitarian China over the longterm is to invest in our people, our economy, and our democracy. By resting U.S. credibility and reasserting fwardlooking global leadership, we will ensure that America, not China, sets the international agenda, wking alongside others to shape new global nms and agreements that advance our interests and reflect our values” . الطريقة الأكثر فعالية لأميركا للتغلب على الصين الأكثر حزماً واستبدادية على المدى الطويل هي الاستثمار في شعبنا واقتصادنا وديمقراطيتنا. فمن خلال استعادة مصداقية الولايات المتحدة وإعادة تأكيد القيادة العالمية التطلعية، سنضمن أن تضع أميركا، وليس الصين، جدول الأعمال الدولي، والعمل جنباً إلى جنب مع الآخرين لتشكيل معايير واتفاقيات عالمية جديدة تعزز مصالحنا وتعكس قيمنا. We also recognize that strategic competition does not, and should not, preclude wking with China when it is in our national interest to do so. Indeed, renewing America’s advantages ensures that we will engage China from a position of confidence and strength نحن ندرك كذلك أن المنافسة الاستراتيجية لا تمنع، ولا ينبغي، أن تمنع العمل مع الصين عندما يكون ذلك في مصلحتنا الوطنية. في الواقع، فإن تجديد مزايا أميركا يضمن أننا سنشرك الصين من موقع الثقة والقوة. سنجري دبلوماسية عملية موجهة نحو النتائج مع بكين وسنعمل على تقليل مخاطر سوء الفهم وسوء التقدير . اذن فقد وضعت إدارة بايدن صوب عينيها ان المنافس الأساسي للولايات المتحدة الامريكية على الصدارة هو الصين . وحيث إن الرئيس وفق النظام الأميركي، يقع في قمة الهرم في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، من المنظورين القانوني والسياسي، غير أنه يمسك بآلية اتخاذ القرار من طرف خيط دقيق، إذ لا يمكن لرجل واحد اتخاذ القرار في دول ذات نفوذ عالمي مماثل. أي إن الرئيس يشكّل الجزء الظاهر من إدارة ضخمة، حيث هناك آلاف المستشارين في البيت الأبيض، هذا إلى جانب الوزارات الضخمة والمؤسسات الرسمية التابعة لها أو تلك الخاصة التي تعمل لمصلحتها . هذه الحقائق لا تلغي المشروع الخاص بكل رئيس وما يحمله من أفكار واتجاهات حيال قضايا معينة، فضلًا عن سماته الشخصية وطريقته في التفكير والعمل. إذ يدرك بايدن حجم التأثير الكبير للصين على الاقتصاد الأميركي، وقد سبق لأولبرايت أن لخّصت الحال بالقول إن لدى الصين “سلطة الحياة والموت على ملايين الوظائف الأميركية” . انطلاقا من ذلك الادراك وجه بايدن تعليمات لوزير الدفاع الجديد بمراجعة الإستراتيجية العسكرية لبلاده تجاه الصين، مع التركيز على المجالات الحيوية التي تشمل المخابرات والتكنولوجيا والوجود العسكري الأميركي في المنطقة. وكانت وزارة البحرية الامريكية قد اعدت خطة استراتيجية لعام 2021 ، تركّز الولايات المتحدة في تلك الاستراتيجية على دور قواتها البحرية في دعم سيطرتها العالمية، حيث إن الغرض من هذه الاستراتيجية هو تأمين القدرة على التدخل ما وراء البحار، عبر نشر المزيد من قطعاتها البحرية حول العالم، وتعزيز تحالفات أميركا القائمة وبناء تحالفات جديدة والمشاركة في المناورات العالمية، وصنع الوكلاء عبر العالم خصوصًا في المنطقة الهندو آسيوية للمحيط الهادئ، في سعي للتعامل بشكل أكبر مع مسألة نهوض القوى البحرية الصينية وتوسعها هناك، مما يدل على نية الولايات المتحدة في السيطرة على التجارة في المحيط الهندي والهادئ وحتى احتكارها، وتقييد الاستخدام العسكري أو الاقتصادي للمحيطات من قبل دول أخرى. وتهدف هذه الاستراتيجية، بشكل أساسي، إلى منع قدرة الصين على الدفاع عن مناطق اتصال بحرية من التدخل الخارجي، هذا التدخّل الذي تعيقه الصواريخ الصينية المضادة للسفن والتي تثير قلق واضعي الاستراتيجية. وقد جاء في تلك الاستراتيجية : الاستراتيجية البحرية تؤكد مبدأين تأسيسيين ،أولا إن الوجود البحري الأمريكي المتقدم ضروري لإنجاز المهمات البحرية التالية المستمدة من التوجيه الوطني: الدفاع عن الوطن وردع الصراع ، والاستجابة للأزمات ، وهزيمة العدوان ،وحماية المشاعات البحرية، وتعزيز الشراكات، وتقديم المساعدة الإنسانية ،والاستجابة للكوارث .إن قواتنا البحرية المكتفية ذاتيا العاملة في المشاعات العالمية ،تضمن حماية الوطن بعيدا عن شواطئنا، في الوقت الذي توفر فيه لرئيس الولايات المتحدة مجالا من القرارات والخيارات لحرمان العدو من تحقيق أهدافه ، والحفاظ على حرية العمل، وضمان وصول قوات المتابعة. ثانيا ،القوات البحرية تزداد قوة عندما تعمل معا ،وجنبا إلى جنب مع الحلفاء والشركاء .إندمج إمكانياتنا وقدراتنا الفردية ينتج عنه تأثير بحري مشتركه وأعظم من مجموع أجزائه . ومن خلال العمل معا في الشبكات الرسمية وغير الرسمية ،نتمكن من معالجة التهديدات للمصالح الأمنية البحرية المشتركة . وقد اكدت تلك الخطة على أهمية التعاون مع الحلفاء من اجل حماية المصالح المشتركة بالقول تسعى الولايات المتحدة، على أساس المصالح الاستراتيجية المشتركة، إلى تعزيز التعاون مع حلفاء منذ أمد بعيد في منطقة المحيط الهنديآسيا المحيط الهادي ـــ وأستراليا واليابان ونيوزيلندا والفلبين وجمهورية كوريا وتايلاند، وتستمر في تنمية شراكات مع دول مثل بنغلاديش وبروناي والهند وإندونيسيا وماليزيا وميكرونيزيا وباكستان وسنغافورة وفيتنام . اما بالنسبة للصين فقد ورد في تلك الخطة التوسع البحري الصيني أيضا تحديات عندما تستخدم القوة أو الترهيب ضد دول أخرى ذات سيادة لتأكيد المطالب الإقليمية .هذا السلوك، جنبا إلى جنب مع عدم وجود الشفافية في نواياها العسكرية، يسهم في التوتر وعدم الاستقرار، مما قد يؤدي إلى سوء التقدير أو حتى التصعيد . إن الخدمات البحرية للولايات المتحدة، من خلال استمرار وجودنا المتقدم، والتفاعل البناء مع القوات ، تقلل من احتمالات سوء الفهم، وتحبط العدوان، وتحافظ على التزامنا بالسلام والاستقرار في المنطقة . بناء على تلك المعطيات اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ، عن تشكيل فرقة عمل لتقييم السياسات حول الصين وتقديم التوصيات بشأن التعامل معها. وتتكون الفرقة من خمسة عشر مسؤولاً مدنيًا وعسكريًا، بقيادة إيلي راتنر ، نائب مستشار الأمن القومي السابق لبايدن الذي انضم إلى الوزارة كمساعد خاص لوزير الدفاع لشؤون الصين ، كما تضم الفرقة الباحثة بمركز التقدم الأميركي ميلاني هارت التي ستشرف على مراجعة قرارات إدارة بايدن اتجاه الصين خاصة تلك التي تتعلق بشركات التكنولوجيا كما تنضم للفرقة إليزابيث روزنبرغ من وزارة الخزانة. 3. الخلفية التاريخية للصراع قدم هنتنغتون أطروحة الصدام في مقال شهير عن السياسة الخارجية الأمريكية عام 1993، وجادل بأنه مع انهيار الشيوعية لم تعد المنافسات الآيديولوجية هي ما يقود شؤون العالم، وبدلا من ذلك سيحدث صراع بين الثقافات والدين والهوية، وأن الحضارة الغربية في أوروبا وأمريكا الشمالية وحضارة «سينيك» التي تضم الصين والكثير من جيرانها الآسيويين، ستكون من ضمن الحضارات المتصارعة. فهو يرى أن الحرب والنزاعات بعد الان لن تكون بني الطبقات الاجتماعية او الاقتصادية بل ستكون بين القوميات والاديان والحضارات وهو يعني فترة ما بعد الحرب الباردة، سيكون صراعا على اساس الهوية، كذلك سيكون صراعا على الهوية نفسها اي صراع داخلي بني اقطاب الحضارة ذاتها . يعود تاريخ الصراع الأميركيالروسي إلى نهايات الحرب العالمية الثانية، ونشوء المعسكرين الغربي والشرقي، والمجابهة العالمية والجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة، والاتحاد السوفياتي من جهة أخرى. فقد أثبت كل من الطرفين مجال نفوذه من خلال الكتلتين السياسيتين والعسكريتين، وهما حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو، وتجسّد ذلك في محطات تاريخية عديدة في فيتنام، كوريا وغيرهما. إضافة إلى السباق على التسلّح وظهور ما يسمى بالحرب الباردة.لقد أثّر تفكّك الاتحاد السوفياتي في العام 1991، في العلاقات الأميركيةالروسية، فأنتج الواقع الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة بيئة دولية جديدة تمثلت بسيطرة الولايات المتحدة منفردة على العلاقات الدولية بجميع جوانبها، الأمر الذي انعكس على طبيعة العلاقات الأميركية الروسية ، بل أصبحت هذه العلاقات غير متكافئة وتحديدًا خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي. يقول صاموئيل هنتغتون ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﻭﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ، ﻜﺎﻥ ﻤﺩﻓﻭﻋﺎ ﻓﻲ ﺠﺯﺀ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩاخلية في كل من ﺍﻟﺒﻠﺩﻴﻥ . يعود تاريخ العلاقات الرسمية الأميركية – الصينية إلى أواسط القرن التاسع عشر، عند توقيع أول اتفاقية دبلوماسية بين البلدين عُرفت بـ معاهدة وانغيا عام 1844، والتي حصل الرعايا الأميركيون بموجبها على الامتيازات والحصانة الدبلوماسية . ولكن ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﺘﻼﻫﺎ أدى الى ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺘﻔﻜﻴـﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗـﺎﺕ . ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ من المثالية الى الواقعية . فقد دخلت الولايات المتحدة الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، خشية أن يمتد نفوذه خارج حدوده باتجاه منطقة الخليج العربي الغني بالنفط، ما يعني تهديد لمصالحها وعلي راسها النفط فكان عليها إبعاد القوى المنافسة لها من خارج المنطقة والقوى الحيوية إلاقليمية التي قد تعارض مصالحها، فاتبعت سياسة الاحتواء على أساس انتشار قواتها في المنطقة من خلال وجود قواعد عسكرية والابقاء على أسطولها البحري ما يضمن لها حماية مصالحها في المنطقة. وسياسة الاحتواء سياسة صاغها جورج كينان سفير الولايات المتحدة الأمريكية في موسكو عام 1947 ،وتبناها الرئيس الأمريكي هاري ترومان، تقوم على إنشاء سلسلة من الأحلاف و القواعد العسكرية بهدف عزل الاتحاد السوفيتي ومنع انتشار نفوذه في العالم . وكانت تلك السياسة تتركز على “الأحزمة المتعاقبة”، وذلك لتطويق الاتحاد السوفياتي عبر ما يُعرف في الفقه الاستراتيجي الأميركي بـ”قوس الأزمات”، أي القوس الذي يتيح لأميركا أن تعزل الاتحاد السوفياتي وتحاصره، بدءًا من بحر البلطيق شمالًا مرورًا بأوروبا ثم تركيا وإيران، ومنها شرقًا حتى الصين . بعد تفكك الاتحاد السوفيتي قامت الولايات المتحدة بتطوير سياسة الاحتواء، حيث قامت لجنة الدفاع المكلفة بالشؤون الخارجية بالبنتاغون عام 1992 بإعداد دليل التخطيط الدفاعي وجاء فيه: إن هدفنا الأول هو تفادي ظهور منافسين جدد، إن هذه رؤية عامة تقع تحتها الإستراتيجية الدفاعية الإقليمية، وتتضمن سعينا الدائم لمنع آي قوة معادية من السيطرة على آي منطقة يمكن لثرواتها عندما ً تصبح تحت السيطرة أن تكون كافية لإطلاق قوة عظمى.وبناءا عليه ينبغي أن نملك آليات تردع مالكي إمكانيات التحدي من الطموح نحو التوسع في الدور الإقليمي أو العالمي . شغلت الصين حيزًا مهمًا من تفكيرمنظري السياسة الامريكان ومنهم جوزيف س. ناي ، الأكاديمي ومساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة ببل كلينتون، والذي جادل منظّري الأحادية القطبية، ويُنسب إليه ابتكار مصطلح “القوة الناعمة”، رأى أن “عبارة صعود الصين اسم على غير مسمى، إذ إن عبارة “عودة الصين” ستكون أكثر دقة، بما أن المملكة الوسطى [الاسم االقديم للصين] كانت من حيث الحجم والتاريخ لفترة طويلة، قوة كبرى في شرق آسيا. فقد كانت الصين فنيًا واقتصاديًا قائدة للعالم ولو من دون امتداد عالمي – من سنة 500 إلى سنة 1500. فلم تتفوق عليها أوروبا وأمريكا إلا في نصف الألفية الأخيرة . وبحسب ما ذكره ناي، نقلًا عن محللين آخرين، فإن الصينيين يصوّرون الولايات المتحدة بشكل روتيني “العدوَّ رقم 1” في البيانات الحكومية، والتقارير الإخبارية في الصحف التي تديرها الدولة، وفي الكتب والمقابلات. وأنه “ليس من المحتوم أن تشكّل الصين تهديدًا للمصالح الأميركية، لكن هناك احتمالٌ بخوض الولايات المتحدة حربًا ضد الصين أكثر من احتمال خوضها ضد أي قوّة كبرى غيرها . إنّ الاهتمام الاستراتيجي الأميركي بشرق آسيا سابق على المرحلة الحالية التي يكثر فيها الحديث عن هذه “الانعطافة” في السياسة الخارجية الأميركية منذ فترة حكم الرئيس باراك أوباما، لكون هذا التوجّه قد شهد زخمًا أكبر في عهده، ولا سيّما ولايته الثانية. لقد قامت الإدارة الأميركية، والتي ترى في منطقة بحر الصين الجنوبيّة مصلحة قوميّة جوهريّة، بإطلاق ما يسمّى محور آسيا والذي يحوّل سياسة الولايات المتّحدة تجاه الصين من سياسة مبنيّة، بشكل واسع، على مصالح تجاريّة مشتركة، إلى أخرى هدفها احتواء نهوض الصين، لذلك كانت رحلة الرئيس أوباما التي رافقتها تغطية إعلاميّة كثيفة إلى جنوب شرقي آسيا مؤشّرًا جيّدًا على نيّة واشنطن في إحاطة الصين وعزلها . ومن المؤشّرات الدّالة على أهمّية المنطقة أميركيًا، أنّه من بين القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة حول العالم والتي تقدّر بنحو 750 قاعدة، تتوزّع على 130 دولة ، والبعض يرفع العدد إلى 1000 قاعدة فإنّ 109 قواعد منها تقع في اليابان و85 في كوريا الجنوبية ، فيها أربعة وثمانون ألف جندي، 47 ألفًا في اليابان و37 ألفًا في كوريا الجنوبية . يتبادل الصينيون والأميركيون الاتهامات بأن الجانب الآخر يعمد إلى “عسكرة” بحر الصين الجنوبي. وعلى الرغم من إعلان الأميركيين أنهم لا ينحازون لطرف ضد آخر في النزاعات الإقليمية، لكنهم أرسلوا سفنهم الحربية وطائراتهم العسكرية إلى المناطق القريبة من جزر متنازع عليها، في عمليات يطلقون عليها اسم “عمليات حرية الملاحة” ويقولون إنها تهدف إلى إبقاء طرق الملاحة البحرية والجوية مفتوحة للجميع . قلق واشنطن من نفوذ الصين في المحيط الهندي أيضًا دفعها إلى تعزيز علاقاتها مع الهند كجزء من استراتيجيتها لمواجهة الصين، مستغلّةً حالة التنافس المتصاعدة بين الجارتين الآسيويتين، ولا سيّما بعد تزايد الأنشطة والمشاريع الصينية في سريلانكا، منطقة النفوذ الهندية والتي باتت تحت تأثير النفوذ الاقتصادي الصيني عبر المرافئ الممولة من قبل الاستثمارات الصينية، وكذلك في باكستان، العدو التاريخي للهند. يقول بانيتا: “مع الهند، عملنا على إطلاق مبادرة تنمية غير مسبوقة لتبسيط عمليات التصدير في ما بيننا وتعميق تجارتنا وإنتاجنا المشترك في المجال الدفاعي .
تاريخ الإضافـة 24/03/2021 - 18:40