الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

عدنان الزرفي السباحة عكس التيار الشيعي المتشدد د.ماجد السامرائي
أضيف بواسـطة
النـص : عدنان الزرفي الشباحة عكس التيار الشيعي المتشدد د. ماجد السامرائي لا خلاف على أن كل يوم يمر على مشهد العملية السياسية العرجاء في العراق تنكشف بواطن الانقسام السياسي الشيعي الذي كان مضموما، لأن الغنائم كانت تتوزع بشكل رضائي لكثرتها حسب الرؤوس الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وحين يمر البلد بأزمة داخل أزمة الحكم وتقل الموارد ينفضح مستور النوايا المتعاكسة بين أحزاب الطبقة السياسية التي لم يعد الاعتقاد بسند ولاية الفقيه الإيراني قادراً على توفير غطاء الحماية لها، كما تلاشت رابطة العقيدة الشيعية بين أطرافها فتشتت رغم شعورها المفرط وإيحائها للآخرين بأنها جاءت لتظل خالدة في الحكم في نكران أجوف لأحكام التاريخ العراقي القريب. في المبادئ السياسية لاختيار رئيس وزراء للحكومة لا تلتزم هذه الأحزاب بالقواعد الدستورية والقانونية التي أسست النظام السياسي الذي تسير وفق أحكامه، فمرة تتذرع بتلك المواد حين تلبّي مصالحها ومرة تنقلب عليها. وهي تشتغل داخلياً على نظم وأخلاقيات أقرب إلى تقاليد مافيات المخدرات. فرئيس الوزراء في نظرهم هو موظف منظم وموزع لمصالحهم وليس خادماً للشعب. في المرحلة الأولى كانت رؤوس الأحزاب تتولى مباشرة السلطة التنفيذية، خصوصاً حزب الدعوة، ثم انتقلت إلى خارجه، وبعدها تحولت إلى الصفوف الثانية الموالية. في اعتقاد هذه الأحزاب أن استبدال رئيس الوزراء رغم الواجهات الشكلية “الديمقراطية” مسألة داخلية شيعية خاصة دون اكتراث بشركائهم الأصليين الأكراد أو التابعين من السنة. صدمة الأحزاب في تعطل أو عرقلة انسيابية هذه الآلية في الشهور الأخيرة متعددة الجهات والمصادر، أبرز مثال مباشر لها كان واقعة عدم تمرير محمد توفيق علاوي قبل ثلاثة أسابيع بسبب الفيتو السنّي والكردي، وبعض القوى الشيعية ذات الدوافع المختلفة. والمثال الأقوى هو مقدار الضغط الهائل الذي أحدثته انتفاضة أكتوبر التي دخلت كعامل حاسم في تعديل مسارات العملية السياسية رغم ردّة الفعل الجهنمية للميليشيات الموالية لطهران في تنفيذها مسلسل القتل والاختطاف، والأخطر هو تولّي قوى الميليشيات مكان الصدارة في إدارة العملية السياسية، ومن بين مهماتها التدخل في اختيار رئيس وزراء جديد، ولا تتردد في إعلان التهديدات بحرق العراق إن لم يأت رئيس وزراء ينفذ رغباتهم، وواقعة توجيه عدة صواريخ قرب قصر السلام مقر رئيس الجمهورية عشية تكليفه لعدنان الزرفي مثال على ذلك. في جانب من تفاصيل أزمة اختيار أي رئيس وزراء جديد، تتضح حالة الهستيريا التي تواجهها قوى الميليشيات والأحزاب الشيعية التقليدية من احتمال مجيء رئيس وزراء لديه مسافة تفصله عن دائرة التحكم الإيراني والميليشياوي. فالجميع يعلم أن المدة الدستورية قد نفدت ليصبح رئيس الجمهورية صاحب الصلاحية في اختيار رئيس الوزراء، وقد فعل ذلك في اختيار واحد من ثلاثة أسماء قُدمت له من اللجنة السباعية للأحزاب، من بينها عدنان الزرفي. وحين قام بالتكليف بعد استشارة المحكمة الدستورية انقلبت ميليشيات إيران وواجهتها السياسية كتلة “الفتح” لصاحبها هادي العامري، ونوري المالكي الذي يعلم أنه أخذ فرصة ثماني سنوات بحكمه الاستبدادي الطائفي المتطرف وأصبح يعلن عن نفسه بأنه صانع ملوك، ولا يتردد في أن يرشّح قائدا من الميليشيات المسلحة لحكم العراق. أما عمار الحكيم الذي ظل صامتا حين كُلّف محمد توفيق علاوي ورغم عدم حضوره الاجتماع الشيعي الرباعي الرافض لتكليف الزرفي فأراد الانفراد ببيان رفضه ترشيح عدنان الزرفي حفاظا على “البناء الشيعي”. المسيرة السياسية والمهنية لعدنان الزرفي تؤكد أنه واحد من السياسيين الشيعة النشطين، حاول التعبير عن حرصه بخدمة المواطنين حينما كان محافظاً للنجف لأكثر من مرة، ودائما ما يعبّر عن اعتداله السياسي ووسطيته، ويبرر انضمامه لحزب الدعوة في الثمانينات بأنه لم يكن هناك من تنظيم معارض لنظام صدام في مدينته النجف غيره، ويعتقد أن إقامته في الولايات المتحدة منحته فسحة من التفكير الليبرالي، ويقال بأنه يمتلك شجاعة في اتخاذ القرارات. القوى الشيعية المتمثلة بالفتح ومتفرعاتها من الميليشيات، مثل عصائب أهل الحق وحزب الله، لا تقبل بمجيء رئيس وزراء دون موافقتها الأولية، والزرفي ينتمي إلى كتلة النصر بزعامة حيدر العبادي المرفوض من طهران التي لم تسمح له بولاية ثانية عام 2018، ولهذا فإن مجيء رئيس كتلته سيعزز منهج الاعتدال والوسطية والابتعاد عن الهيمنة الإيرانية، ما يشكّل خطراً على نشاط ووجود الميليشيات المسلحة في العراق، خصوصاً وأن المرشح الجديد وضع في أولوياته المعلنة مهمة حصر السلاح المنفلت بيد الدولة. في خضم تصعيد نشاط الميليشيات لحملتها لإخراج القوات الأميركية من العراق لا تتوقّع هذه الميليشيات بأن عدنان الزرفي سيحقق هذه المهمة، وليس من أولوياته التي تتقدّمها وفق بيانه حصر السلاح المنفلت بيد الدولة، وهذا يعني فتح معركة شرسة ضد تلك الميليشيات. وسط اتهامات ضده بأنه موال لواشنطن. ومن الطريف أن أحد المذيعين حين سأله قبل شهرين عن صحة ما يقال عنه بأنه من المعسكر الأميركي أجاب “أين هو المعسكر الأميركي في العراق، لا يوجد وإن كان فأنا منه”. عدنان الزرفي يحاول الإبحار عكس التيار الشيعي المتشدد، واختياره فضح لعبة القوى الشيعية والصراع بين المتشددين والوسطيين. سيجّرب خلال الأيام المقبلة مهارته في خطة الترضية والإقناع، سيطلبون منه تنفيذ خطة إخراج القوات الأميركية أولا لأنه رغبة إيرانية، وقد يعد بها، وهناك ملفات الفساد وهيمنة الميليشيات المسلحة على الشارع والوضع الاقتصادي المتدهور ستعقّد من قدرته على التمرير داخل البرلمان.
تاريخ الإضافـة 19/03/2020 - 22:06