Warning: file_get_contents(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/nahraincom/public_html/class/content.php on line 380

Warning: file_get_contents(https://nahrain.com/print.php?cntntid=273696): failed to open stream: no suitable wrapper could be found in /home/nahraincom/public_html/class/content.php on line 380
موسـوعة النهريـن - جماليات الخلق الشعري في نصوص الشاعرة التونسية هدى كريد
الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

جماليات الخلق الشعري في نصوص الشاعرة التونسية هدى كريد
أضيف بواسـطة
النـص : العراق د. محمد الزيدي: كانت وقائع مهرجان القلم الحر للإبداع العربي التاسع المقام في رحاب جامعة الفيوم بجمهورية مصر العربية، مناسبة لأن أسعد بلقائها هدى كريد شاعرة تونسية حالمة بغد أفضل، نصوصها الشعرية تتكئ على صور متداخلة ومعجم لغوي تنوعت فيه الحقول الدلالية وأساليب مختلفة، مجموعة من النصوص الشعرية التي أسعدني جمال معانيها وعمق بلاغتها حرصت الشاعرة القديرة على قراءتها لي بصوتها الجميل ولغتها العربية الخالية من اللحن وتداخل اللهجات . هدى كريد الشاعرة التي تعشق الكلمة حدَّ الثمالة، تمتلك ثقافة لا يستهان بها، وتسخّر موهبتها للتعبير عما تود الافصاح عنه من تجربتها الشخصية ، نصوصها الشعرية تتنوع بين قصيدتي التفعيلة والنثر ، وهي من السهل الممتنع التًي تتصف ببعدها عن التكلف والتعقيد والغموض، كما هو الحال عند بعض الشعراء ، وفيها الكثير من سمات التفرد لتجربة شعرية ناهضة . صورها الشعرية مكتنزة بتعابير بالغة ، تتصف بجمال التعبير وصدق العاطفة وخصوبة الخيال وعمق الاشارات الاسطورية والمكانية وحتى التاريخية ، وذلك إن دل على شًيء فإنما يدل على قدرة إبداعية لعملية الخلق الشعري أحرزتها الشاعرة ، لكنها مع كل ما تتمتع به من مميزات التفرد بين قريناتها تعترف بأنها تتيه كـــ نجمة شاحبة وتخفق في ادراك حقيقة أن الحب فن الكبرياء، ولم تفلح في رسم خارطة خارج أنظمة الزمان تمتاز الشاعرة عن قريناتها باتضاح هويتها على نحو تجعل منها هوية مركزة ، وتحرص على منح تلك الهوية قوة ودعماً وزخماً إنسانياً وشاعرياً ، وكأنها تحاول شحذ ههم قريناتها من التونسيات ، لخلق حركة شعرية عامرة في بلد يفتح شهية الشاعر على صور فائقة الجمال . وفي قراءة على عجالة لنتاجها الشعري تبدو الشاعرة شديدة الالتصاق بالمكان بيت العائلة المرتبط بمرحلة الطفولة والشباب؛ وشديدة الاحتفاء به، لما للمكان من قدرة على تكوين بؤر شعرية مؤثرة في المتلقي ، فأنها حريصة على توظيفه في مواطن مختلفة، وبهذا الصدد تقول وهي تستحضر تلك الأيام : كم اشتقت لحركة غير محسوبة واندفاعات غير مأمونة جدتي في ركنها قابعة ولسانها يلعن حماقاتي الطّفوليّة يا همساتك المغوية ارجوحتي تلهمني عصيانا ومن هنا تتطلع الشاعرة لغد يعيد لها ولو جزء يسير من ذكريات الماضي السحيق، ذلك الماضي المليء بالبراءة والصدق والعفوية ، بعد أن وظفت لاستدعاء تلك الأجواء العديد من التقنيات الفنية والدلالية وحتى اللهجات المحكية، بهدف التعبير ولو تلميحا عن مضامين جديدة وتجارب معاصرة قاسية ، أهمها هو فقدانها لأجواء الصدق والعفوية وتحول الحياة في بعض الأحيان الى ما يشبه غابة للحيوانات القوي يأكل فيها الضعيف . ويبدو أن قساوة الحياة وانعكاساتها هي التي طرحت الشاعرة وكأنها تعيش حياتها بطريقة مختلفة عن الآخرين، فيها الكثير من حرارة التجربة الشخصية القائمة على المواجهة والتحدي ، تلك التجربة التي تبدو قاسيةٌ وصادمة، لأن طرفها الآخر دوّن في دفتر الإجرام كمراوغ وممثل بارع ، فتقول : سأتسكع على أرصفة قوس قزح وأشرب قطر الندى نخب نصري المبين وتحت السرو أحلم بجزر لم تطأها قدم ولم يمسسها قلم وأسكر دون العالمين جنة خلدي لا أسمع فيها لغو الغابرين لكن مع كل هذه الروح التشاؤمية التي تعج بها بعض النصوص الشعرية، تقدم الشاعرة نفسها وكأنها مؤمنة بما قاله المازني المعاني لها في كل ساعة تجديد ، وفى كل لحظة تردد وتوليد ، والكلام يفتح بعضه بعضا فها هي تعرج بروحها الهائمة في ضفاف العشق لتستعير لحبيبها صورة زمزم بما يحمله من قدسية عقدية وإيمان بشفاء مرجو. ويمكن للمتتبع لنصوص كريد أن يلمس في مضمون بعض قصائدها طابعاً رومانسياً محضاً ، وكأنه الطابع لا صلة له بالأغراض القديمة، وذلك أمر طبيعي في الشعر، فموضوع القصيدة ينبع من الذات الإنسانية، بهمومها وانكساراتها وهيامها وحتى تأمُّلاتها الفلسفية في الوجود، فالقصيدة عند كريد تحمل تحت جناحيها تجربة ذاتية محضة . أما المستوى الموضوع لتطلعها الذاتي ، فقد اعتمد على بنية البحث عن حب صادق ، وظل ذلك الحلم يراودها وكأنه لا يمكن الوصول اليه إلا من خلال الشعر ، وهو ما شجع الشاعرة في التعبير عن شوقها العارم للمعشوق، ورغبتها في اطلاق العنان لعاطفتها، حتى تصل الى زمزمها وتروي عطشها القاتل ، وهي بذلك تطرح معاناة الذات المحترقة من الداخل، فتقول: اشتاق إلى زمزم فيك عطشي اليك منذ الأزل اشتاق الى تلك الاجمة فوق صدرك والى الحقول المترامية ووشوشة الدماء تضخ في شرياني الحياة والبهاء ويبدو أن الشاعرة حاولت كتابة القصيدة العمودية ، لكن سرعان ما غادرتها متجهة نحو قصيدة النثر مرة ، والشعر الحر مرات عدة ، ولعمري هي خطوة جبارة باتجاه تدعيم موهبتها المنفتحة بلا حدود على هذين النوعين، وهو يؤكد حقيقة أن الشاعرات العربيات يمتلكن ناصية نتاج شعري خصب من حيث الأسلوب والفكرة والعاطفة ، وما يمكن أن تؤديه هذه الصفات من إثارة كبيرة في عملية التذوق الشعري عند المتلقي ، مرحى لك أيتها الجميلة وأنت تنهلين من منهل شعري لا ينضب ، وتتفاعلين ديناميكيا مع تجليات النفسية والاجتماعية ، تفاعل له قيمة أدبية يعمل على اضاءة جوانب مهمة من تجربتك الشعرية .
تاريخ الإضافـة 21/05/2019 - 16:32