خلود النسر ---------------------------------- بخور يطلق عبيره الازلي في احدى مناطق بغداد السكنية لتصرخ تلك العجوز منزعجةً من رائحتهِ العبقة ، تخليداً لابنها الراحل الملقب بالنسر ، فهي ما تزال تضع ثيابه في ارجاء المنزل لتستنشق ما تبقى من عطرهِ الزهي ، ولم تنسَ انتظاره كل ليلة ليعود اليها كي يجلس جلسة القرفصاء الى جانبها مدندنة منذ ذلك اليوم المظلم بعبارة ردتك تمر ضيف ودموعها الجارحة تنسكب على وجنتيها بكل الم وحرقة ، ولكن كل ما ذكر هباءاً منثوراً لا قيمة له . هذه المرأة تستذكر خريف نجلها منذ خمسة عشر عاماً ليأتي اليها حاملاً معهُ بعض من الطعام الشهي ، ولكنها لم تمل بتاتا فهي تشارك طعامه معها على المنضدة المخصصة . افنت والدة النسر حياتها في ذكريات مؤلمة التي تخص فلذة كبدها مختتمة صبرها برحيلها الى نجلها ، مستكملة الحديث عن امنياتها واللقاء به في العالم السرمدي الاخر . ان والدة النسر تضرب مثالا للام العراقية الاصيلة التي تعطي ولا تأخذ الا القليل ، لم ترتوي من عصير النسيان ، ولم تمد يدها للاخرين حفاظاً على كرامتها ومقامها بين الناس ، عكس ما نراه اليوم ، هنالك الكثير من يمد يديه للاخرين سيما تقاطعات شوارع العاصمة ، ليضعنَّ اطفالهنَّ تحت الشمس الحارقة اكِلات الزَهيِر من اكتاف ذلك الرضيع الذي وِلدَّ ليكون كادحاً قبل ان يرى الشمس على حقيقتها السوداء في هذا الواقع المظلم. سالي خليل ---------------------------------- مقـالات ثقافي أضيف بواسـطة : سالي خليل تاريخ الإضافـة : 05/01/2019 - 15:34 آخـر تحديـث : التعليقـات : 0 رابط المحتـوى : https://nahrain.com/content.php?id=235738 رقم المحتوى : 235738 ---------------------------------- موسـوعة النهريـن nahrain.com