الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

ما هي رسالة ضعف المشاركة في الانتخابات ؟
أضيف بواسـطة
النـص : ما هي رسالة ضعف المشاركة في الإنتخابات ؟ ✍🏼 أسامة الشبيب لقد جرت العملية الإنتخابية لإختيار مجلس نواب جديد في 12 آيار 2018 ، وقد رافق الإنتخابات الأخيرة العديد من الثغرات والشكوك بالتلاعب والتزوير في النتائج ، إضافة الى الإرباك الواضح في عمل مجلس المفوضين ، والمواعيد المترهلة التي تعلنها لإعلان النتائج ، الى أن تم الإعلان النهائي يوم 19 آيار وقبيل انبثاق الفجر بساعة تقريباً ، وأصبحت جميع الكتل والأحزاب تعرف حجومها وأصواتها في البرلمان القادم . الشئ الأهم واللافت في هذه الإنتخابات والذي يجب أن لا يمر بسهولة ، هي ظاهرة العزوف البارزة عن المشاركة من كثير من المواطنين المؤهلين للتصويت . حيث بلغت نسبة المشاركة التي أعلنتها المفوضية العليا للإنتخابات بشكل رسمي هي 44,52 ‎%‎ في الإنتخابات ، واذا ما تجاوزنا الحديث المشكك في تلك النسبة وعدم دقتها ، وما أعلن من نسب مشاركة متدنية من بعض المراكز المعنية ومنظمات المجتمع المدني المراقبة والمتابعة للإنتخابات الأخيرة والتي قدرت نسبة المشاركة فيها من 30 - 35 ‎%‎ . وعلى كل حال فإن نسبة المشاركة المعلنة من قبل المفوضية رسمياً هي الأقل والأضعف ، إذا ما تمت مقارنتها بنسب المشاركة في الإنتخابات السابقة ، حيث سجلت إنتخابات العام 2005 مشاركة بنسبة 79% ، و62,4 % عام 2010 ، و60 % عام 2014 . من هنا يمكننا القول أن نسبة المشاركة في الإنتخابات الأخيرة تكاد تنخفض الى نصف نسبة المشاركة في إنتخابات عام 2005 ، وهذا المؤشر له دلالات متعددة يمكن الإستفادة منها . وبلا شك أن الذين قاطعوا الإنتخابات أو الذين لم يتمكنوا من المشاركة فيها ، تختلف منطلقاتهم وأهدافهم بخصوص المقاطعة وعدم المشاركة ، ولكن الإستقراء العام لآراء المواطنين من خلال مختلف الوسائل الإعلامية ومنصات التواصل الإجتماعي وغيرها ، يمكن أن نستنتج أن هناك عدة عوامل مشتركة في هذا المجال ولعل أهمها ما يلي : 1- عدم توفر المقومات الأساسية لعملية الإنتخابات والتي تتمثل بقانون إنتخاب مناسب وعادل ، ومفوضية مستقلة غير تابعة للأحزاب والكتل السياسية ، والعدالة في إتاحة الفرص لجميع المرشحين بالتساوي من خلال وضع محددات قانونية ومالية تتم مراقبتها بشكل جاد ، وغيرها من المقومات الأخرى . وهذه الرؤية تنطلق من أن عدم توفر تلك المقومات ، لا يمكن أن تنتج فيها الإنتخابات غير ذات الأحزاب والمكونات الرئيسة في الساحة السياسية ، والتي بيدها زمام السلطة والمال والإعلام ، وبالتالي فإن المشاركة في الإنتخابات معروفة النتيجة سلفاً . 2- حالة الإحباط وفقدان الأمل من كل النظام السياسي ومكوناته من دستور وما يعتريه من علل ، وطبقة سياسية غارقة في مستنقع الفشل والفساد ، يضاف الى ذلك أتباع الأحزاب السياسية وجمهورهم والذي في مجمله هو لا يفكر ولا يعي المصلحة العامة للبلد ، وإنما كل همه وتفكيره تحقيق المصالح الشخصية والضيقة ، وديمومة الزعامة أو القيادة السياسية التي يتبع لها . وأن هذا الرأي بالنظام السياسي والأحباط من صلاحيته تكرست بمرور السنوات السابقة ، والتراجع في كثير من مرافق الحياة العامة من خدمات وصحة وتعليم ...الخ . 3- وهناك شريحة هي في الأصل لا تؤمن بالتغيير الذي حدث في عام 2003م ، ولا تشعر بالإنتماء للوضع الجديد ، وعليه فإن كل مخرجات النظام السياسي والديموقراطي الجديد من إنتخابات وغيرها مرفوضة عندها ولا يمكن المساهمة أو المشاركة فيها ، وهذه الفئة ربما هي الأقل من حيث العدد ، لإن المشاركة في الإنتخابات السابقة أظهرت نسب جيدة ومقبولة . وعليه إن عدم مشاركة أو مقاطعة أكثر من 56 بالمائة ، بما يقدر بأكثر من ( 14 مليون ناخب ) من أصل ( 24 مليون ناخب ) من الذين يحق لهم التصويت في الإنتخابات ، فإن ذلك يمثل دليل جلي ومؤشر واضح لرفض ما يجري من فشل وفساد يسود الطبقة السياسية عامة ، وحالة إحباط وربما يأس أصيب بها الكثير من المواطنين بسبب التراجع في المرافق العامة للحياة ، وعدم إيجاد الحلول الناجعة والتخطيط الصحيح لمعالجة ذلك التراجع والفشل . وإن إهمال وإغفال هذه الرسالة الواضحة التى أراد أكثر من نصف المجتمع السياسي إيصالها ، لا سيما للمعنيين بالدرجة الأولى وهي الطبقة السياسية والأحزاب التي تمسك بمفاصل البلد طولاً وعرضاً ، فإن العواقب مستقبلاً تكون أكثر خطورة وتهديداً للنظام السياسي والمجتمع والبلد برمته ، ولا يفكر أحد بقارب النجاة إذا ما بدأت السفينة بالغرق ، والعاقل من وعظته التجارب .
تاريخ الإضافـة 22/05/2018 - 12:10