| النـص : تنبأت الأستاذ هيكل عن الصراع العربي الاسلامي
بقلم / مجاهد منعثر منشد
الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل ( 1923 – ت 2016) أحد أعلام الصحافة ومفكر بارز في الوطن العربي .
أدخل هيكل تحسينات كبيرة على أسلوب الصحافة من حيث الدقة والموضوعية , وكان معجبا برئيس تحرير جريدة ( الجازيت مستر) الاستاذ محمد التابعي ولا يذكر اسمه إلا مسبوقا بلقب «الأستاذ» وكان هيكل معجبا أيضا بالدكتور محمود عزمي .
أنشأ مدرسته الصحفية المتميزة بفكره الثاقب وأسس منهجها من خبرته وتراكمه المعرفي معتمدا في التحليل السياسي على قراءته الواقعية للأحداث وفرز عمق استراتيجية الصراع , فاستفاد من تجربته بعد أن عاصر مراحل الحرب العالمية الثانية التي غطى أحداثها في جريدة «لإيجيبشيان جازيت » ,و تبعها تغطية حروب أخرى فى البلقان وكوريا وسافر إلى إيران سنة1951 بعد ثورة محمد مصدق الذى أمم البترول.. وبرغم أنّ المخابرات الأمريكية تدخلت بعد ذلك وقتلت مصدق وأعادت الشاه إلّا أنّ هيكل أصدر كتابا شهيرا هو «إيران فوق بركان». إلى الأحداث المعاصرة التي كان يتابعها عن كثب .
ولذلك نجده يكشف لنا من خلال مقالاته وتحليلاته ولقاءاته عبر القنوات الفضائية وصفحته عبر التواصل الاجتماعي الكثير من القضايا التأمرية والخطط والسيناريوهات المعدة من قبل (امريكا واسرائيل ) بشأن الدول العربية والاسلامية , و تنبأ كثيرا بفشل بعض المخططات , لاسيما قضية سوريا واليمن .وحدد هذا الكاتب الشهير حالة الصراع الموجودة هي حالة مع البرجوازية الناشئة.
أن تعاملات هذه المدرسة الكبيرة مع الحقائق دون رتوش تجعلها مدرسة غير مقبولة الآراء من قبل بعض القادة والحكام , بل من يستخدم أسلوبها من الصحفيين والكتاب العرب يعرض نفسه للتصفية الجسدية كما حدث للكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي تقطع جسده إربا إربا في القنصلية السعودية في تركيا بسبب إعلانه الدفاعي عن تلك المدرسة وما تتبناه من آراء صحيحة حول الصراع المعاصر ,فصرح الصحفي السعودي على (CNN) إنّ الإعلامي المصري، محمد حسنين هيكل، ليس خرفا وبكامل وعيه، وذلك بعد التصريحات التي أدلى بها الأخير موجها انتقادات للسعودية وواصفا بأن الخليج أضعف من التشويش على الاتفاق النووي الدولي مع إيران.
وهناك تغريده أخرى في صفحة خاشقجي على تويتر قال فيها : (هيكل ليس خرف انه بكامل وعيه أنّه يجالسه كبار المسؤولين بمصر يسألونه ويوجههم وينصحهم، وله برنامج تلفزيوني مع لميس الحديدي يتحدث فيه بالساعات.. هل استنكر مسؤول مصري أو كاتب مهم هناك تصريحات هيكل؟).
إنّ المفكر العربي هيكل أدلى بعدة تصريحات مهمة وتنبأ عن نتيجة الأحداث وقدم نصائحه السياسية للحكام العرب على طبق من ذهب , إذ قال في مقابلة مع صحيفة السفير سيغرق السعوديون في مستنقع اليمن، عندما تدخّل عبد الناصر هناك كان يساعد حركة تحرر فيها وليس لديه حدود ملاصقة لها، أمّا السعوديون فلديهم باستمرار مطالب من اليمن ولقد استولوا على محافظتين فيها. اليمن مرهقة وسترهق السعودية حتماً في دخولها في حرب مع اليمن ولكنها حذرة جداً. فالقبائل يعرف بعضها بعضاً جيداً. ولن يتوغل السعوديون في الداخل اليمني سيواصلون الضرب من الخارج. وهم يعرفون المصائب الموجودة هناك.
وفي اكتوبر 2015 سجل هيكل موقفه من العدوان على اليمن مستنكرا غارات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وقال بأن هناك مذابح يومية وقتل بالمئات في اليمن. وأكد هيكل بأن الدور السعودي سينتهي في اليمن وإلى الأبد لافتا بأن السعودية ومن ورائها ومن تحالف معها سيفشلون في حربهم على اليمن وأن اليمنيين سينتصرون في النهاية.
وعن الإخوان بمصر، قال هيكل: قوته في أنّه ورّث التنظيمات الصوفية. الطرق الصوفية لها نفوذ قوي في مصر. حسن البنا كان صوفيا، وهو استخدم البنية التحتية للصوفيين. حسن البنا وفي مكتبي في أخبار اليوم سلمني البيان ذاته الذي جاء فيه أنّ المتطرفين في التنظيم ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين. التنظيم (الاخوان) متأثر بالطرق الصوفية ولكن هذا التأثير هو الذي يجعل له جذوراً في مصر. الناس في مصر عندها عشق للدين. وهناك يسار حقيقي في مصر. هناك أحزاب في مصر وعندها برامج سياسية وخصوصا الوفد له برنامج، ويمكن أن يقوم ائتلاف.
وفي 15 ديسمبر 2015 علق هيكل في حسابه على تويتر، على نبأ تشكيل السعودية لتحالف عسكري “اسلامي” مذكرا هذا التحالف المتغافل عن الكيان الإسرائيلي بأن فلسطين قريبة و إن بعض دول التحالف من أهم الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي.
ومن آخر تصريحاته قال: إن مصر أخطأت ببعدها عن سورية والعراق، دون أن تسأل ماذا يجري واكتفت بالمشاهدة، مؤكدا بأن هناك صراعا دوليا على سوريا لأنها مدخل للجزيرة العربية، ولإيران والعراق، مشيرا إلى أن سوريا هي قلب الصراع في العالم العربي.
وهكذا نرى التنبأت تتغلب على مصداقيتها الواقعية نتيجة تجربة مفكر المدرسة وخبرته الملموسة سواء في عالم الصحافة أو تعاملاته مع الاحداث السابقة .
|
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النهرين للثقافة والإعلام © www.nahrain.com 2000-2019